فوضى الكدادة في مطاراتنا- رؤية مشوهة وتنافس غير عادل.

المؤلف: خالد السليمان10.24.2025
فوضى الكدادة في مطاراتنا- رؤية مشوهة وتنافس غير عادل.

في رحلتي الأخيرة إلى مدينة جدة الساحرة، استوقفني غياب ملحوظ لأصحاب سيارات الأجرة غير النظاميين، أولئك الذين كانوا ينتظرون الزوار عند بوابة مطار الملك عبد العزيز، بالقرب من حوض الأسماك الشهير. بالمقابل، لاحظت عودة أعدادهم بشكل ملحوظ في مطار الملك خالد بمدينة الرياض، بعد فترة من التراجع. لقد أصبح الاعتذار المتكرر والروتيني لهم أمراً مرهقاً ومملاً منذ لحظة خروجك من الجمارك وحتى وصولك إلى سيارة المواصلات على الرصيف!

تجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة قد تضاءلت بشكل كبير في فترة سابقة، وذلك بفضل الرقابة المشددة التي فرضتها سلطات المطار في العاصمة. إلا أنها عادت إلى سابق عهدها، مما يشير إلى تراخي الرقابة. لقد بح صوتي وأنا أحذر مراراً وتكراراً من أن وجود هؤلاء السائقين غير النظاميين واستقبالهم للمسافرين والسياح يشوه الصورة الحضارية للمملكة، ولا يعكس انطباعاً جيداً عن عاصمة رؤية السعودية الطموحة 2030. بالإضافة إلى ذلك، هناك محاذير أمنية تتعلق بسلامة الركاب الذين يضطرون إلى الركوب مع أشخاص مجهولين. فضلاً عن الضرر الذي يلحق بالأفراد والمشغلين المرخصين الذين يقدمون خدمات النقل عبر تطبيقات التوصيل وشركات سيارات الأجرة، والذين حصلوا على التراخيص اللازمة، ودفعوا الرسوم المستحقة، واستثمروا في مركباتهم لتقديم خدمة نقل موثوقة ومنظمة. فليس من العدل أن يقوم شخص غير مرخص بالاعتداء على حقوقهم ومصدر رزقهم المشروع!

في الواقع، لا أستطيع فهم سر استمرار هذه الظاهرة السلبية في مطاراتنا، ولماذا عجزت الجهات المختصة عن الحد منها بشكل فعال. وما الذي يمنع هؤلاء السائقين غير النظاميين من الانخراط في النشاط بشكل قانوني ومنظم عبر تطبيقات التوصيل وشركات الأجرة المرخصة؟!

إن الأمر يتطلب نظرة فاحصة وبحثاً معمقاً لتقييم فاعلية الإجراءات المتخذة لمنع هذا النشاط المشوه. وكذلك البحث عن الأسباب التي تجعل هؤلاء السائقين يعزفون عن الانضمام إلى تطبيقات توصيل الركاب المرخصة. الحل الأول يكمن بلا شك في تنسيق الجهود بين الجهات المختصة في المطارات، وربما كانت هناك حاجة لإعادة تحديد المسؤوليات والصلاحيات لتكون أكثر فاعلية. أما الحل الثاني، فيتطلب النظر في شروط التشغيل لدى تطبيقات توصيل الركاب، ومراجعة نسب استفادة السائقين، حتى تصبح أكثر جاذبية للعمل بشكل نظامي ومنظم. إن الفوضى والتكدس عند مخارج صالات الوصول، يتبعه تكدس لسيارات الأجرة غير النظامية عند الأرصفة، مما يسهم في خلق أزمة مرورية يمكن تلافيها وتجاوزها!

وختاماً.. طلب الرزق حق مشروع لكل إنسان، ولكن يجب أن يتم ذلك وفقاً للأنظمة والقوانين التي تكفل منافسة عادلة ونزيهة، وتمنع أي نشاط مشوه يؤثر سلباً على المصلحة العامة!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة